dimanche 23 décembre 2012

الإسلام السلفي والدولة السعودية

 عبد العزيز آل الشيخ مفتي المملكة العربية السعودية

لا يعرف الكثيرون أن المذهب السلفي الوهابي هو قبل كل شيئ إيديولوجيا تأسست بها الدولة السعودية الأولى في القرن الثامن عشر (قبل أن يدمرها سلطان مصر محمد علي باشا) والثانية (وأسقطتها عائلة آل رشيد) والثالثة الحالية. لقد قام أمير الدارعية في منتصف القرن الثامن عشر محمد بن سعود بعقد صفقة شيطانية مع أحد الشيوخ الجهلة المتطرفين : محمد بن عبد الوهاب. وفر بن عبد الوهاب الإيديولوجيا، بينما أعطى بن سعود السيف. وكانت النتيجة إنتشارا دمويا لملك بن سعود تسبب في قتل وسبي الآلاف، وتدمير آثار لا تقدر بثمن (من بينها عديد الآثار الإسلامية المهمة من مساجد وضرائح وغير ذلك...). يتحدث بن إبي الضياف في كتابه المعروف عن وصول رسالة بن عبد الوهاب إلى تونس في عهد الباي حمودة باشا الحسيني وكيف رد عليها شيوخ الزيتونة ودحضوها. لكن من المعروف أن مثل هؤلاء الأشخاص لا تقنعهم الفكرة والحجة. لذلك تصرف معهم السلطان العثماني بطريقة أكثر نجاعة وحسما، فبعث إلى والي مصر محمد علي باشا ليتصرف معهم بما تستلزمه مصلحة الشعوب والطوائف الموجودة في الشرق الأوسط. فبعث لهم إبنه إبراهيم باشا على رأس الجيوش المصرية فهزمهم ودمر عاصمتهم وقتل كل من وجده هناك من شيوخ الوهابية، بينما فر بقية الأمراء والشيوخ إلى خارج البلاد. أما عبد الله بن سعود فقبض عليه وبعث إلى إسطنبول حيث قطعوا رأسه.
في بداية القرن العشرين، حاولت العائلة الهاشمية الحاكمة في مكة والمدينة إستغلال الحرب العالمية الأولى والتناقضات بين الدول الإستعمارية من أجل بعث مشروع قومي عربي. فكان رد بريطانيا كالعادة حسب التقاليد الميكيافيلية المعروفة للسياسة البريطانية. قام عبد العزيز بن سعود اللاجئ حينئذ في الكويت بعقد صفقة مع البريطانيين تتضمن :
ـإعطاء الجزيرة العربية لآل سعود وحمايتها إذا لزم الأمر من طرف الجيش والإستخبارات البريطانية.
ـمناصرة آل سعود للمشاريع البريطانية المضادة لمشروع العائلة الهاشمية.
هكذا قام عبد العزيز بن سعود، بدعم مادي وإستخباري من بريطانيا، وبمناصرة إيديولوجية من عند آل الشيخ، بغزو الجزيره" العربية مستغلا في ذلك جحافل لا تنتهي من البسطاء المتعصبين الذين سارعوا إلى الجهاد من أجل إعلاء كلمة الدين ودحر الكفار (!!!). قدر البعض حصيلة الحرب التي شنها بن سعود في عشرينات القرن الماضي ب300000 قتيل على الأقل من دون حسبان الجرحى وسبي النساء وتدمير المعالم الأثرية وقمع الأقليات المذهبية.
هكذا زرع السم الذي سيصنع فتنة لا تنتهي في العالم العربي والإسلامي.
أخذت الولايات المتحدة فيما بعد دور الحماية من بريطانيا (لقاء عبد العزيز بن سعود وروزفلت في 1945) من أجل ضمان الأهداف الأساسية التالية:
ـ بقاء الجزيرة العربية بسكانها ومواردها تحت سيطرة وإستغلال طفيليات آل سعود.
ـ الوصول إلى منابع النفط من قبل الشركات الأمريكية الأخرى.

وأعطى آل الشيخ كالعادة موافقتهم مقابل تطبيق المذهب الوهابي في السعودية وقمع جميع المذاهب والأديان الأخرى (ومقابل مستوى معيشي مرتفع لهم).
اليوم، ورغم بعض التغيرات السطحية التي توحي ببداية بعض التغيير، يواصل آل الشيخ، آل سعود، وآل مارينز تحالفهم التاريخي رغم جميع الكوارث التي أدى لها (ومن بينها ظهور القاعدة). فبعد بعض المحاولات المحتشمة للضغط على النظام السعودي من أجل بعض الإنفتاح، يبدو أن منظري السياسة الأمريكية إرتدوا اليوم إلى النظرية الواقعية التي لخصها روزفلت عند حديثه عن سوموزا : "إنه وغد، لكنه وغدنا".
إن ما حصل ويحصل اليوم في السعودية من إستغلال شعب الجزيرة العربية ومن هدر للموارد الطبيعية من قبل آل سعود وحلفائهم من السلفيين هي حقا جريمة العصر. وأبشع ما في الأمر هو إنتشار هذا النموذج التدميري العدمي بين العرب السنة مستغلين في ذلك موارد النفط ووسائل الدعاية الحديثة من تلفاز وإنترنات... بما يؤدي إلى مسح لذاكرة حضارية مديدة وإختزال للشخصية العربية في تدين ظاهري سطحي كلياني

1 commentaire:

umzug a dit…

Thanks to topic