dimanche 24 juillet 2011

لما الإنتخابات هي الحل

بالنسبة لي فقد كنت منذ البداية مع نقل سريع للسلطة عن طريق إنتخابات تأتي بعد شهرين من 14 جانفي، لكن جائت الهيئات، والقصبات، والصعوبات، لنعاني الدساترة والتجمعيين من وقتها إلى أكتوبر.
هل بالإمكان اسقاط النظام بدون إنتخابات مثلما يروج لذلك بعضن الأطراف التي تسوق نفسها على أنها راديكالية وطنية (وبعضها كان طحانا محترفا حتى 13 جانفي، سبحان مغير الأحوال؟).اعتقد أن ذلك مستحيل الآن.
تعاني الثورة التونسية من مشكل غياب القيادة وهو ما جعل المجهودات الشعبية تضيع بين عديد التصورات والجهات. لقد كانت فترة الثورة من 17 ديسمبر إلى 14 جانفي لحظة فريدة إجتمعت فيها كل قوى الشعب الحية لإسقاط النظام، ولكن غياب القيادة جعل من غير الممكن تتويج النضال بالطريقة الطبيعية وهي إحلال حكومة ثورية حقيقية مكان النظام القديم. أعطى هذا العجز أعضاء النظام القديم الفرصة للقيام ببعض الإصلاحات للحفاظ على مصالح الطبقة الحاكمة وتحييد الطبقة الوسطى وجعل الطبقات الفقيرة والمناطق الداخلية تدخل في صراعات جديدة تلهيها عن إستكمال الثورة وإسقاط الطبقة الحاكمة السابقة.
لكن لدينا الآن 23 أكتوبر. هذا التاريخ السحري قد يكون فعلا هو نهاية الثورة إذ تشير كل المؤشرات أن كل رجال العهد القديم سيمنون بهزيمة ساحقة أمام الأحزاب الثورية، وإنه لا أمل في بقائهم إلا ببث الفرقة بين القوى الثورية وإستقطاب بعضها إلى جانب السلطة، بتزوير الإنتخابات وفي إقبال ضعيف ينفي الشرعية عن السلطة القادمة.
إن هذا التاريخ الذي أراده البعض تاريخ وأد الثورة يجب أن يتحول لتاريخ إنتصارها الحاسم على أعدائها القدامى. لذلك أعتقد أن الحل هو :
ـتشكيل جبهة للقوى الثورية تضم المؤتمر والنهضة والوطد والعمال الشيوعي والتكتل وغيرهم من القوى الوطنية الحقيقية والنقابات والشخصيات المناضلة لدخول الإنتخابات تسهل بذلك الإختيار على المواطن وتطمئنه أن إختياره سيكون من أجل الثورة وضد الطبقة الحاكمة.

ـإقبال كل المواطنين على الإنتخابات بحيث تكون هزيمة قوى الماضي الديكتاتوري حاسمة ليس فيها شك.
وإذا ما إختارت السلطة تزوير الإنتخابات، فستكون الوضعية مناسبة جدا للإنتفاض من جديد. وأنا متأكد أن كل القوى الحية والمناضلة لن تقبل بجريمة من هذا النوع وستكون إذن الفرصة رائعة من أجل إعادة الوحدة للشعب.

jeudi 14 juillet 2011

ـ2- تجربة التدين في إطارها الإجتماعي

إن الفصل الذي قمت به بين التجربة الفردية والتجربة الإجتماعية هو فصل غير واقعي. إذ يمكن تصور التجربة الكفردية المصدر الأساسي للتجربة الدينية، والتجربة الإجتماعية كالحاضن الذي يوصلها إلى نضجها وقوتها وتأثيرها على الواقع.
إن نشأة دين جديد هو دائما لحظة عجيبة، تختلط فيها السياسة، إرادة البقاء، إرادة الخلود، اللاوعي الجماعي والتقاليد، لتنتج إبداعا فنيا يصف نفسه بالكماك، ويحمل مجتمعا على إعادة التنظم حسب مبادئه.
إن من الصعب علينا اليوم أن نتخيل عصر الأنبياء والمعجزات وأن نعيش تجربة تماثل نشأة الديانات ومايرافقها من شعور بالقوة، بالسيطرة، بالحلم، وكذلك بالقهر والتجبر.
يمكن لنا رغم ذلك دور الدين بعد نضجه وتفاعله مع الدولة والمجتمع. سأسجل هنا بعض الملاحظات عن هذا الموضوع المتشعب والكبير.
إذا إقتصرنا على الديانات الكبرى، يمكن لنا التمييز بين الديانات التوحيدية وأغلبها نابع عن اليهودية والديانات الوثنية. بالنسبة لي، فإن الديانات الوثنية هي في أغلبها ديانات رمزية وبعضها يحمل صبغة فنية وفلسفية. حتى ولو كانت هذه الديانات تعطي للعامة والخاصة ذلك النوع من الأفيون الذي ينقص من قسوة الحياة وغموض الطبيعة. لقد كانت رمزية الآلهة الوثنية وإنسانيتها العميقة محفزا هائلا للفن والشعور ولإرادة القوة سواء في الحالة اليونانية، الرومانية أو حتى العربية في العهد الوثني.
بينما كانت الديانات الوثنية في أغلبها حاملة للتمييز الطبقي والمبادئ الأرستقراطية، أتت الديانات التوحيدية حاملة لمشروع يمكن وصفه بالشعبي (خاصة في الحالة المسيحية). لقد إنحازت الديانة المسيحية (والإسلام من بعد ذلك) إلى الطبقات الضعيفة والفقيرة من المجتمع وأعطتهم إله غير أرستقراطي ولا يؤمن بقيم الأرستقراطية. تمكنت الديانة المسيحية من القضاء على آلهة روما التاريخية التي رافقت نشأتها وإلتصقت بقادتها وأباطرتها، وأعطت للشعوب التي أخضعها السيف الروماني إنتصارا تاريخيا على الطبقة النبيلة الضيقة التي حكمت روما لمدة تقارب الألف سنة.
هكذا كان إنتصار الديانات التوحيدية إيذانا لتحول هائل في القيم والأخلاق السائدة. لقد كانت الديانات الوثنية اليونانية والرومانية ديانات نخبوية تمجد الجمال المطلق والقوة والشجاعة والسيطرة، وكانت بذلك ديانات أرستقراطية بإمتياز فأنجبت مجتمعا قدس الأبطال وجعلهم مثلا يبرر الإستعباد والظلم والقوة. لكن إنحسارها أمام الديانات الشعبية كان إيذانا بقيم جديدة هي قيم المساواة والرحمة والغفران والإشفاق (خاصة في المسيحية، ولكن أيضا في الإسلام) وكراهية الحرب والصراع.

الحرية لسمير الفرياني

قضية سمير الفرياني هي واحدة من المؤشرات أن الصراع مستمر وأن الثورة لم تنته.
اليوم في تونس توجد عديد القوى وكل منها مستعد للتلاعب والمناورة من أجل الحفاظ على مصالحها أوتوسيع مجال سلطتها. وهذا الصراع قد إستعر أكثر مع سقوط الدولة البوليسية.
إن من السذاجة أن نعتقد أن المتورطين في وزارة الداخلية الذين قتلوا المتظاهرين في بوزيان والقصرين سيسلمون أنفسهم للعدالة بكل أريحية. لقد لخص أحد أعضاء نقابة الأمن الداخلي المسألة بقوله بأن الأمن كان يطبق الأوامر، وأن الأعوان لهم عائلات وهم بالتالي مستعدون للثورة ضد الدولة من أجل نسيان تجاوزاتهم (أذكركم بالرسالة التي بعث بها ضباط من الأمن إلى الباجي قايد السبسي)
ماقام به سمير الفرياني هو محاولة تحطيم هذه القوى بالطرق الديمقراطية التقليدية. لكن هذه الطرق الديمقراطية لا يمكن أن تنجح في بلدنا لأن بلدنا ليست ديمقراطية الآن، ولأن الصراع مستمر.
ماقام به سمير الفرياني هو الإختبار الحقيقي لمدى إستعداد هذا الشعب للديمقراطية والحرية. هل سيثور غيرة على إخوانه أم سينام راضيا بشبه الديمقراطية التي نحن عليها الآن؟
إنني أعتقد أن لا يمكن تأسيس نظام ديمقراطي حقيقي إلا إن إعتمدنا شفافية شاملة. لذلك يجب أن نعرف كل الحقيقة، ويجب أن يتحرك المواطنون من أجل المطالبة بحقيقة 14 جانفي، وحقيقة من أطلق النار على المتظاهرين السلميين بغرض القتل المجاني، ومن أطلق العنان للعصابات ليلة 14 جانفي وحقيقة ما قاله سمير الفرياني.