في كل الدول، تنزع الفئات المالكة للسلطة والمال إلى الإنغلاق على نفسها لحماية مكتسباتها من طمع الأغلبية المسحوقة في مستوى معيشي مماثل. قديما وحتى العصور الوسطى، إستعملت الطبقات العليا (الملوك، النبلاء ورجال الدين) سلطتهم الدينية والمعنوية وحتى القومية من أجل تبرير إنغلاق السلطة والمال وإلإعتبار في طبقة واحدة. مثلا في جميع الممالك والخلافات الإسلامية، إنغلقت الطبقة الحاكمة حول طائفة الهاشميين ثم الأمويين، ثم العباسيين. وهكذا كان الأمر مع الممالك البربرية ثم التركية حتى أن تونس حكمت من قبل أقلية تركية إحتكرت السلطة العسكرية تحالفت مع برجوازية عربية الثقافة من العاصمة فإذا بهم ينغلقون عن سواهم من الشعب.
هل إختلف الأمر مع كل أشكال الحكم التي ظهرت في القرن العشرين؟ كلا! فالتجارب القومية والإسلامية في الوطن العربي أنتجت نوعا جديدا من الإنغلاق الطبقي مستغلة شرعية دينية أو قومية. هكذا لايزال المنحدرون من جنرالات حرب تحرير الجزائر هم من يحكمون إلى اليوم مثلا ويحتكرون أهم الناصب والمشاريع. هكذا يحتكر رجال دين قم الفارسيين الشيعة الحكم في إيران من دون أغلبية الشعب ومن دون أي تمثيل للأقليات.
ليس الأمر منحصرا على الدول القومية والدينية. لقد كان من أهداف النظرية الماركسية كسر هذا الإحتكار الطبقي للمال والسلطة. مالذي وقع بعد ذلك؟ في جميع الدول الشيوعية إحتكرت أقلية بيروقراطية السلطة والقوة والجاه. ففي الإتحاد السوفياتي، نشأت طبقة النومونكلاتورا بعد ستالين لتحمي مصالحها من ضغط الشعب السوفياتي بإسم شرعية تمثيل البروليتاريا. هذه الطبقة لم تكن أفضل من طبقة النبلاء في عصر القيصر. بل إنها كانت في تفاعلها مع السلطة والشعب شبيهة جدا بها.
ماخلاصة هذه المقالة؟ إن أي دولة إيديولوجية قومية كانت أو دينية أو إيديولوجية سيكون مآلها الحتمي تشكيل طبقة أقلية تستغل الأغلبية بإسم شرعية ما. لا بديل إذن عن السيادة المباشرة للشعب عن طريق مبدأ صوت واحد=مواطن واحد.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire