dimanche 28 août 2011

الشعوب العربية : أوجه الشبه والإختلاف

لو كان هناك شيء يمكن أن يربط بين الشعوب العربية، فهو حتما تلك اللغة العربية الضاربة في القدم والتي هي نتيجة لتلاقح اللغات السامية في المشرق مع اللغات المحلية السريانية والأرامية والبربرية وغيرها. هذا الرابط الجوهري هو الوجه الظاهر لتشابه تاريخي أعمق لابد من توضيحه. فما نسميه بالعرب هم في الواقع ورثة حضارات ضاربة في القدم لم تختفي في الوقع بل إنزرعت في المخيال الجمعي والتقاليد. كم أتمنى رؤية دراسات سوسيولوجية وبسيكولوجية تبين أثر تلك الحضارات القديمة وكيفية تواصلها في الحضارة العربية الإسلامية.
لكن كما أن التاريخ واللغة والعادات والديانات قد تجمع هذه الشعوب، فهي أيضا تفرقها.
من أهم الإختلافات هو إختلاف مستوى المعيشة ونظام الانتاج الإقتصادي. إن من العبث التحدث عن وحدة بين بلد معدل الدخل فيه 500 دولار في السنة مع آخر له دخل فردي ب 20000 دولار.
في هذا الإطار يمكن التمييز بين قطب خليجي محافظ ونفطي وملكي يعتمد بصفة كلية على الحماية الأمريكية وله مستوى معيشة مرتفع، وبين أنظمة جمهورية فقيرة (مع الأردن والمغرب) تحاول جاهدة بناية إقتصاد عصري. التوفيق بين هذين القطبين صعب جدا إذ كيف يمكن أن تقنع القطري بأن يتوحد مع المصري؟ إن إقتسام الثروة في هذه الحالة سيعني أن القطري سيمر من دخل فردي ب80000 دولار (الأعلى في العالم) إلى حوالي 5000 دولار كحد أقصى. لاأعتقد أن القطريين سيقبلون بذلك.
ماذا عن إختلاف التقاليد؟ إن العالم العربي اليوم يحتوي على تنوع هائل في درجة التفتح على العالم، في النظرة إلى الدين، في منزلة المرأة. في العراق مثلا، يتعايش الأكراد بطريقة حياة شبه غربية مع الشيعة المتشددين من أتباع مقتدى الصدر. أي مشروع للوحدة لا يأخذ بالإعتبار هذه الإختلافات هو حتما سينتهي بالفشل.
أخيرا لابد من أن أتطرق إلى مشكلة وجود نخب تقليدية ترفض عادة المشاريع الوحدوية لأنها ستحرمها من نفوذها التقليدي في أعلى هرم السلطة. إن النخب التقليدية الشبه إقطاعية المتسمة بالجمود تختلف في ذلك عن النخب الأوروبية التي رحبت بشدة بمشاريع الوحدة الأوروبية لما عناه ذلك من فرص جديدة للإستثمار ولفتح أسواق وفرص جديدة.

Aucun commentaire: